الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي
إذا ثبت هذا: فادعى الراهن على رجل أنه قتل عبده المرهون، فأنكر، ولا بينة.. فالقول قول المدعى عليه مع يمينه، فإن حلف.. فلا كلام، وإن نكل عن اليمين.. حلف الراهن؛ لأنه هو المالك، فإن نكل الراهن.. فهل ترد اليمين على المرتهن؟ فيه قولان، بناء على القولين في المفلس إذا نكل عن اليمين، فهل ترد على الغرماء؟ وفيه قولان: أحدهما: لا ترد اليمين على المرتهن؛ لأنه غير المدعي. والثاني: ترد؛ لأن حقه يتعلق فيما يقضى به على الجاني. وسواء كانت الجناية عمدا أو خطأ.. فإن المرتهن يحلف على أحد القولين؛ لأن العمد قد سقط إلى المال. وإن أقر الجاني، أو قامت عليه البينة، أو حلف الراهن، أو المرتهن في أحد القولين.. نظرت: فإن كانت الجناية توجب القود.. فللمولى أن يقتص، وله أن يعفو على المال، فإن اقتص.. بطل الرهن، وليس للمرتهن مطالبة المولى بالعفو على المال؛ لأن القصاص حق له. فإن عفا على مال تعلق حق المرتهن به؛ لأنه بدل عن الرقبة. وإن عفا مطلقا، أو عفا على غير مال، فإن قلنا: إن موجب العمد القود لا غير، وإنما يثبت المال بالشرط في العفو.. صح عفوه، والثمن للمرتهن. وإن قلنا: إن موجب العمد أحد الأمرين.. ثبت المال على الجاني، وتعلق به حق المرتهن. وإن قال الراهن: لا أقتص ولا أعفو.. فهل للمرتهن أن يطالب بإجباره على أحدهما؟ فيه طريقان: أحدهما قال أبو علي بن أبي هريرة: للمرتهن أن يطالب بإجباره على أحدهما؛ لأن له حقا في المال. والثاني: قال أبو القاسم الداركي: فيه قولان: أحدهماإن قلنا: إن الواجب بقتل العمد القود لا غير.. لم يكن للمرتهن مطالبته بإجباره؛ لأنه إذا ملك إسقاطه.. فلأن يملك تأخيره أولى. والثاني: إن قلنا: إن الواجب بقتل العمد أحد الأمرين.. كان له المطالبة بإجباره على أحدهما؛ لأن له حقا في أحدهما، فأجبر على تعيينهما. فإن عفا الراهن على مال، أو كانت الجناية خطأ، أو كان الجاني عليه ممن لا يقتص منه له، كالحر.. ثبت المال. وإن أسقط المرتهن حقه من الوثيقة.. سقط، كما يسقط حقه بإسقاطه مع بقاء الرهن. وإن أبرأ المرتهن الجاني من الأرش.. لم يصح إبراؤه؛ لأنه لا يملك ما أبرأه عنه، وهل يبطل حقه من الوثيقة لهذا الإبراء؟ فيه وجهان، حكاهما في "المهذب": أحدهما: يبطل؛ لأن ذلك يتضمن إسقاط حقه من الوثيقة. والثاني: لا يبطل؛ لأن إبراءه لم يصح، فلم يصح ما تضمنه الإبراء. وإن أبرأ الراهن الجاني من الأرش.. لم يصح إبراؤه لتعلق حق المرتهن به. فإن قضى الدين من غير الرهن، أو أبرأه المرتهن من الدين، أو أسقط حقه من الوثيقة.. فهل يحكم بصحة إبراء الراهن من الأرش؟ فيه وجهان: أحدهما: لا يحكم بصحته؛ لأنه وقع باطلا، فلا تتعقبه الصحة. والثاني: يحكم بصحته؛ لأن المنع من صحته لحق المرتهن، وقد زال حق المرتهن، فحكم بصحته. وليس بشيء. فإن أراد الراهن أن يصالح الجاني عن الأرش بعوض بغير رضا المرتهن.. لم يصح الصلح؛ لتعلق حق المرتهن بالأرش، فإن أذن المرتهن بالصلح على حيوان.. صح الصلح، ويكون الحيوان رهنا، فإن كان له ظهر أو لبن أو نماء.. كان ذلك للراهن، كأصل الرهن.
وإن كان الرهن بهيمة، فضربها ضارب، فأسقطت جنينا ميتا.. وجب عليه ما نقص من قيمة الأم بذلك؛ لأن الجنين إنما يضمن ببدل مقدر من الآدميات، ويكون ذلك رهنا؛ لأنه بدل عن جزء من الأم. وإن أسقطت البهيمة بالضرب جنينا حيا، ثم مات.. ففيه قولان: أحدهما: تجب قيمة الولد حيا؛ لأنه يمكن تقويمه، ولا يكون رهنا؛ لأن الولد غير داخل في الرهن، فكذلك بدله. والثاني: يجب أكثر الأمرين من قيمة الولد، أو ما نقص من قيمة الأم بالإسقاط؛ لأنه وجد سبب ضمان كل واحد منهما، ولم يجتمعا؛ لأن النقصان كان سببه انفصال الولد الذي تعلق به ضمانه، فسقط أحدهما عند ثبوت الآخر؛ لأنه لا يتميز كل واحد منهما عن الآخر، ويتعذر معرفته، فإن كانت قيمة الولد أكثر.. كان خارجا من الرهن، وإن كان ما نقص من قيمة الأم أكثر.. كان رهنا.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: (لا يزول ملك الراهن عنه، ولا يبطل الرهن به)؛ لأنه يجوز أن يصير له قيمة. دليلنا: أن كونه خمرا يمنع صحة التصرف فيه، والضمان على متلفه، فبطل به الملك والرهن، كموت الشاة. إذا ثبت هذا: فإنه يجب إراقته، فإن أتلف.. فلا كلام، ولا خيار للمرتهن في البيع إن كان شرط رهنه فيه إذا كان انقلابه بيده؛ لأن التلف حصل بيده. وإن استحال الخمر خلا بنفسه من غير معالجة.. عاد الملك فيه للراهن بلا خلاف، وعاد الرهن فيه للمرتهن؛ لأنا إنما حكمنا بزوال ملك الراهن عنه، وبطلان الرهن بحدوث الشدة المطربة، وقد زالت تلك الشدة من غير نجاسة خلفتها، فوجب أن يعود إلى الملك السابق كما كان. فإن قيل: أليس العقد إذا بطل.. لم يصح حتى يبتدأ، والرهن قد بطل، فكيف عاد من غير تجديد عقد؟ فالجواب: أنا إنما نقول ذلك، إذا وقع العقد فاسدا، فأما إذا وقع العقد صحيحا، ثم طرأ عليه أمر أخرجه عن حكم العقد، فإنه إذا زال ذلك المعنى.. عاد العقد صحيحا، كما نقول في زوجة الكافر إذا أسلمت، فإن وطأها يحرم عليه، فإذا أسلم الزوج قبل انقضاء العدة.. عاد العقد كما كان، وكذلك إذا ارتد الزوجان أو أحدهما. فإن استحال الخمر خلا بصنعة آدمي.. لم يطهر بذلك، بل تزول الخمرية عنه، ويكون خلا نجسا لا يحل شربه، ولا يعود ملك الراهن فيه، ولا الرهن. وقال أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (يكون طاهرا يحل شربه، والرهن فيه بحاله). دليلنا: ما «روى أبو طلحة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: لما نزل تحريم الخمر.. قلت: يا رسول الله، إن عندي خمرا لأيتام ورثوه، فقال: «أرقه"، قلت: أفلا أخلله؟ قال: «لا». فنهاه عن التخليل. وظاهر هذا يقتضي التحريم. فإن كان مع رجل خمر فأراقه، فأخذه آخر، فصار في يده خلا، أو وهبه لغيره، فصار في يد الموهوب له خلا.. ففيه وجهان: أحدهما من أصحابنا من قال: يكون لمن أراقه؛ لأنه يعود إلى الملك السابق، والملك للمريق، فهو كما لو غصب من رجل خمرا، فصار في يده خلا. والثاني: يكون ملكا لمن هو بيده؛ لأنه إذا أراقه صاحبه، فقد رفع يده عنه، فإذا جمعه الآخر.. صارت له يد عليه. والأول أصح.
أحدهما قال ابن خيران: يعود رهنا، كالخمر إذا تخللت. والثاني: قال أبو إسحاق: لا يعود رهنا؛ لأن الملك إنما عاد بمعالجة ومعنى أحدثه، بخلاف الخمر. وسئل أبو إسحاق عن رجل ماتت له شاة، فجاء آخر، فأخذ جلدها، فدبغه؟ فقال: إن لم يطرحها مالكها.. فالجلد لمالك الشاة دون الدابغ؛ لأن الملك وإن عاد بمعنى أحدثه الدابغ، إلا أن يد المالك كانت مقرة على الجلد، وجوز له استصلاحه، فإذا غصبه غاصب، ودبغه.. لم تنقل يد المالك، كما لو كان له جرو كلب يريد تعليمه الصيد، فغصبه إنسان، وعلمه.. فإن المغصوب منه أحق به؛ لأن يده كانت مقرة عليه. قال: فأما إذا طرح صاحب الشاة شاته على المزبلة، فأخذ رجل جلدها ودبغه.. ملكه؛ لأن المالك قد أزال يده عنها. قيل له: أليس من تحجر مواتا كان أحق بإحيائها من غيره، ثم جاء آخر، فأحياها..ملكها؟ فقال: الفرق بينهما: أن من تحجر على شيء من الموات.. فقد صار أولى به، بمعنى أثره فيه، وهو التحجر، ويده ضعيفة لا تستند إلى ملك، فإذا وجد سبب الملك، وهو الإحياء. بطلت يده. وليس كذلك من ماتت له شاة؛ لأن يده مقرة عليها بالملك.
وذهب الثوري، وأبو حنيفة وأصحابه - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - إلى: (أن الرهن مضمون على المرتهن بأقل الأمرين من قيمته، أو قدر الدين، فإذا هلك، فإن كان الدين مائة، وقيمة الرهن تسعين.. ضمنه بتسعين، وبقي له من دينه عشرة. وإن كان الدين تسعين، وقيمة الرهن مائة، فهلك الرهن.. سقط جميع دينه، ولا يرجع الراهن عليه بشيء، وإن تساويا.. سقط الدين). وروي ذلك عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وذهب إسحاق بن راهويه إلى: أن الرهن مضمون على المرتهن بكمال قيمته، ثم يتردان. وهي الرواية الثانية عن أمير المؤمنين علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وأرضاه. وذهب الشعبي والحسن البصري رحمة الله عليهما إلى: أن الرهن إذا هلك في يد المرتهن.. سقط جميع دينه، سواء كانت قيمته أكثر من قدر الدين، أو أقل، أو كانا متساويين. وقال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (إن هلك الرهن هلاكا ظاهرا، مثل: أن كان عبدا فمات، أو دارا فانهدمت. فهو غير مضمون على المرتهن. وإن هلك هلاكا خفيا، مثل: أن يدعي المرتهن أنه هلك.. فهو مضمون عليه). كما قال إسحاق بن راهويه. دليلنا: ما روى سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا يغلق الرهن من راهنه الذي رهنه، له غنمه، وعليه غرمه». فلنا من الخبر ثلاثة أدلة: أحدها: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يغلق الرهن» وله ثلاث تأويلات: أحدها: لا يكون للمرتهن بحقه إذا حل الحق، بل إذا قضاه من غيره.. انفك. التأويل الثاني: أن لا يسقط الحق بتلفه. التأويل الثالث: أي لا ينغلق حتى لا يكون للراهن فكه عن الرهن، بل له فكه، بأن يقضي الدين. فإن قيل: فهذا حجة عليكم؛ لأن قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يغلق الرهن»، أي: لا يهلك بغير عوض، قال الشاعر، وهو زهير: يعني: ارتهن قلبه الحب يوم الوداع، فأمسى وقد غلق الرهن، أي: قد هلك بغير عوض. قلنا: هذا غلط؛ لأن القلب لا يهلك، وإنما معناه: أن القلب صار رهنا بحبها، وقد انغلق انغلاقا لا ينفك. الدلالة الثانية من الخبر: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الرهن من راهنه»، يعني: من ضمانه. قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وهذه أبلغ كلمة للعرب في أنهم إذا قالوا: هذا الشيء من فلان.. يريدون من ضمانه). الدلالة الثالثة من الخبر: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «له غنمه، وعليه غرمه». قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وغرمه: هلاكا وعطبه)، ولأنه مقبوض عن عقد لو كان فاسدا.. لم يضمن، فوجب إذا كان صحيحا، ألا يضمن. أصله الوديعة، ومال المضاربة، والوكالة، والشركة، وعكسه المقبوض عن البيع، والقرض.
قال ابن الصباغ: قال أصحابنا: ولا يلزمه رده عليه حتى يطالبه به؛ لأنه بمنزلة الوديعة، ويفارق: إذا أطارت الريح ثوبا لغيره إلى داره، أو دخلت شاة لغيره إلى داره.. فإنه يلزمه إعلامه؛ لأنه لم يرض بكونه في يده. قال ابن الصباغ: وينبغي إذا أبرأه المرتهن، ولم يعلم الراهن بذلك أن يعلمه بالبراءة، أو يرده عليه؛ لأنه لم يرض بتركه عنده، إلا على سبيل الوثيقة، ويفارق: إذا علم به؛ لأنه قد رضي بتركه في يده.
وإن كان المرتهن غير عالم بكونها مغصوبة، وتلفت عنده من غير تفريط.. فللمغصوب منه أن يرجع على الغاصب؛ لأنه أخذها من مالكها متعديا، وهل للمالك أن يرجع على المرتهن؟ فيه وجهان: أحدهما: لا يرجع عليه؛ لأنه أخذها على وجه الأمانة. والثاني: يرجع عليه؛ لأنه أخذها من يد ضامنة. فإذا قلنا: يرجع على المرتهن.. فهل للمرتهن أن يرجع بما ضمنه على الراهن؟ قال أبو العباس: لا يرجع؛ لأنه تلف في يده، فاستقر الضمان عليه، وفيه وجه آخر، ولم يذكر الشيخ أبو حامد في "التعليق" غيره: أنه يرجع عليه؛ لأن المرتهن أمين، فلا يضمن بغير تعد، فيكون تلف الرهن من ضمان الراهن، ويرجع بالقيمة عليه؛ لأنه غره. فإن بدا المغصوب منه، فضمن الراهن.. فهل يرجع الراهن على المرتهن؟ إن قلنا بقول أبي العباس - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذا ضمن المغصوب منه المرتهن أنه لا يرجع على الراهن.. رجع الراهن هاهنا على المرتهن. وإن قلنا بما ذكره الشيخ أبو حامد رحمة الله عليه، وأن المرتهن يرجع على الراهن.. لم يرجع الراهن هاهنا.
متعلق بزمان مستقبل. فيكون هذا الرهن في يد المرتهن إلى أن يحل الحق غير مضمون عليه؛ لأنه مقبوض عن رهن فاسد، وحكم المقبوض في الضمان عن العقد الفاسد كالمقبوض عن العقد الصحيح، فإن تلف الرهن.. لم يضمن، وإذا حل الحق..كان مضمونا على المرتهن؛ لأنه مقبوض عن بيع فاسد، فضمنه، كالمقبوض عن بيع صحيح. فعلى هذا: إذا تلف في يده.. لزمه ضمانه، سواء فرط فيه، أو لم يفرط. فإن كان الرهن أرضا، فغرس فيها المرتهن، فإن كان غرسه قبل حلول الحق.. قلع غرسه؛ لأنه متعد بغرسه. وإن غرسه بعد حلول الحق.. فقد غرس بإذن الراهن؛ لأن البيع وإن كان فاسدا، فقد تضمن الإذن في التصرف. قال ابن الصباغ: فيكون الراهن مخيرا بين أن يقر غرسه، أو يدفع إليه قيمته، أو يجبره على قلعه ويضمن ما نقص. وبالله التوفيق
وإن اختلفا في قدر الرهن، مثل: أن يقول المرتهن: رهنتني هذين العبدين بمائة، وقال الراهن: بل رهنتك أحدهما بمائة، أو اختلفا في قدر الدين المرهون به، مثل: أن يقول المرتهن: رهنتني هذا العبد بمائة لي عليك، وقال الراهن: بل رهنتكه بخمسين منها. فالقول قول الراهن مع يمينه في المسألتين، وبه قال أبو حنيفة وأحمد رحمهما الله تعالى. وقال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (القول قول من الظاهر معه، فإن كان العبد الذي أقر الراهن برهنه في المسألة الأولى يساوي مائة أو دونها، ويرهن مثله بمائة فالقول قول الراهن. وإن كان لا يساوي مائة، ولا يرهن مثله بمائة في العادة.. فالقول قول المرتهن، وكذلك في الثانية القول قول المرتهن في قدر الدين إن كانت قيمة العبد مائة. وإن كانت قيمته أكثر من المائة.. فالقول قول الراهن مع يمينه). دليلنا: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «البينة على المدعي، واليمين على من أنكر». وهذا الراهن منكر فيهما، ولأنهما لو اختلفا في أصل العقد.. لكان القول قول الراهن، فكذلك إذا اختلفا في قدر المعقود عليه. وإن كان له عليه ألف مؤجلة، وألف معجلة، فرهنه عبدا بألف، ثم اختلفا: فقال المرتهن: رهنتنيه بالألف الحال. وقال الراهن: بل رهنتكه بالألف المؤجل.. فالقول قول الراهن مع يمينه؛ لما ذكرناه في المسألة قبلها.
والمذهب الأول؛ لأن المرتهن قد اعترف للراهن بملك النخل، وصار يدعي عليه عقد الرهن، والراهن منكر ذلك، فكان القول قول الراهن، كما لو ادعى عليه عقد الرهن في النخل منفردا عن الأرض. وأما اليد: فلا يرجح بها في دعوى العقد، وإنما يرجح بها في دعوى الملك. فإذا حلف الراهن.. نظرت: فإن كان الرهن في القرض، أو كان متطوعا به في الثمن غير مشروط في البيع.. بقي الرهن في الأرض ولا كلام. وإن كان الرهن مشروطا في عقد البيع.. فإن هذا الاختلاف يوجب التحالف، وقد حلف الراهن، وخرج النخل عن الرهن، فإن رضي المرتهن بذلك.. فلا كلام، وإن لم يرض.. حلف المرتهن: أن النخل كان داخلا في عقد الرهن، وهل ينفسخ البيع والرهن بنفس التحالف، أو بالفسخ؟ على الوجهين في التحالف. فإن قلنا: لا ينفسخ، فتطوع الراهن بتسليم النخل رهنا.. لم يكن للمرتهن فسخ البيع. |